الصفحة الرئيسية » مقالات » وترجل قاطيني عن جواده، في وداع خونكو اشمائيل

وترجل قاطيني عن جواده، في وداع خونكو اشمائيل

تيري بطرس

من يكفكف الدمع يا اشمائيل، البعد حارق والسنوات تبعد اكثر، والشعارات تتحارب وتتناحر بدل ان تتعانق. لما حل كل ذلك، الم نشرب الكأس بحب الصداقة، الم نقضي الليالي في التسامر حول التاريخ والعمل، الم نوصل المناشير من تحت الطاولات، ولكن لما وهذه ال لما تكاد تخنقني، لما اصطفينا كل على جانب. الم ننادي البعض بخونكو (1)، وهي دلالة المحبة والود الفائق، لما لم تتلاقي الاذرع في العمل، كما تلاقت الافكار والامال… اسئلة تبقى تحيرني وتجعلني ادور في دائرة فارغة من المتاهة الغير المفهومة.
لما لم نتمكن من ان نعيش خلافاتنا كما عشنا لقاءنا على حب واحد، لقد عشقنا القضية وكانت تدخل في تفاصيل كل دقائق حياتنا، وكان حبا وولها، عشقا كانه عشق لا نرتوي منه من كثرة ما تحدثنا عنه، الا ان طرق الحب الصوفي قد ابعدتنا، ابتعدت طرق بعضنا عن البعض وابعدتنا المسافات حينما اضطر البعض لترك الساحة هناك، حيث القلب والمرتع والامل.
اخر لقاء، قبل سنوات كان في اربيل، حينما سلمت وابتعدت، كنت اعتقد اننا سنتحاسب او نتناقش او نتعاتب، ولكنك اسرعت بالابتعاد، ياه ياله من زمن، ما يفعل بالانسان، يتغيير كل منا باتجاه، تغيير الشكل والملمح، وتتغير الافكار والطرق، ولكن الانسان يبقى يحن للماضي، ويبقى هذا الماضي ناصعا، لم يتلوث بالمصالح وانا وانت. كان بودي ان نتعاتب وان نكتفي لكي نجلس ونعيد الماضي الذي لن يعود، برحيلك لن يعود، الم تخن املي على الاقل، فرحلت قبل ان نحاول؟
الى كم قاطيني (2) كبارا، نحن بحاجة؟ الم تفكر ولو لحظة، قبل الرحيل، كم نحن بحاجة الى كل يد وكل ساعد وكل تجربة. يكثر الان الكثير من خلكو (3)، اين ما التفت ستجد خلكو ما، مدعي بالبطولات والانجازات، ولكن عندما تنظر الى الساحة يا خونكو، ستجد الهباء…
ستجد قوافل المشردين والهاربين تتلاحق، وانا منهم خونكو، وانا منهم، ولكن ما تصورت انك ايضا سترحل؟ فمن يحل محلك، صحيح قلناها مرارا، ان من يرحل سيجد الكثير ممن يتسابق لكي ياخذ مكانه، كم اتمنى ان يكون هذا اللي قلناه وصدقناه صحيحا، كم اتمنى ذلك.
في كل صوب من حياتنا سنجد ليليثا، وان كانت ليلثا الجان سهلة ومعروفة، فالاصعب الليلياثا التي هي منا وتنبت بيننا وتتسمى باسمنا، وكل ليليثا بحاجة للبطل قاطيني، لكي يقضي عليها بالعلاج او الخلاص. فهل كان هذا موعد رحيلك خونكو؟
خونكو، لا زال العمل بحاجة الى الايادي والعقول، ولا زال بحاجة الى قاطيني، يقوم له بقوة وجرأة، لما استسلمت وترجلت وتركت الساحة خالية.
ادور والف والكلمات تخنقني … فلا قدرة لي بعد اعذرني خونكو
فما اقترفته بحقنا كان كبيرا كبيرا… رحلت والحقل والبيدر بحاجة اليك
تيري

1 خونكو هي تصغير لكلمة خونا الاخ والتصغير هنا دلالة المحبة
2 قاطيني بطل ملحمة شعبية اشورية
3 خلكو هو ابن خالة قاطيني وهويمثل الادعاء والتفاخر الكاذب وعدم المقدرة

شاهد أيضاً

أضواء على مفهوم المرجعية لدى غبطة الكاردينال لويس ساكو

توما خوشابا في حديث لغبطة الكاردينال البطريرك لويس ساكو الجزيل الاحترام تداولته وسائل التواصل الاجتماعي، …