الصفحة الرئيسية » مقالات » قضيتنا إلى أين

قضيتنا إلى أين

توما خوشابا

لقد أفرزت نتائج انتخابات برلمان إقليم كردستان العراق الأخيرة في 30 أيلول 2018 واقعا سياسيا جديدا ومغايرا لكل ما شهدناه من مخرجات العمليات الانتخابية السابقة منذ عام 1992 وتحديدا فيما يخص تمثيل شعبنا الآشوري في البرلمان أو في حكومة الإقليم.
حيث أن ما نشهده اليوم يعد انعطافة مهمة وتراجع خطير بالنسبة للتمثيل السياسي لشعبنا في الإقليم وذلك بعد الاستحواذ الذي حصل من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني على مقاعد الكوتا المخصصة لشعبنا (والتي لم يخفيها العديد من قياديي الحزب في لقاءاتهم الإعلامية). ومن ثم استخدامها لتحقيق الأغلبية في البرلمان وتمرير القرارات التي يتبناها، وبذلك فإن تمثيل شعبنا أصبح خارج إطار إرداته الحرة وقراره المستقل، تلك الإرادة وذلك القرار الذي لطالما تغنينا به ؟!.

وكنتيجة لذلك فقد انعكس الأمر على تمثيل شعبنا في الكابينة الوزارية التاسعة من خلال منح حقيبة وزارية من حصة الديمقراطي الكردستاني للمسيحيين !! ؟؟، مثلما تم التصريح بذلك، ليتسنمها عضو من ذات الحزب !!.
ونحن هنا لسنا بالضد من الشخص المستوزر، حيث لا يتعلق الموضوع بشخص الوزير.. بل بصفته السياسية، ولكننا بالضد من المبدأ الذي على أساسه يُمثل شعبنا سياسيا في هذه الكابينة وبهذه الطريقة. إذ أنه ليس من العدل والمنطق أن تُختزل قضية شعبنا وحقوقه وتُدرج ضمن ملفات وأجندة الحزب الديمقراطي الكردستاني.

ومن جهة أخرى.. فإنه ليس من مصلحة شعبنا أن يوضع في خانة حزب السلطة (البارتي) ليكون دائما في مواجهة الأحزاب الكردية الأخرى عند نشوب أي خلاف كردي كردي، هذا على الأقل وفق المنظور الاستراتيجي لمفهوم التآخي القومي في الإقليم، حيث من المفروض أن نكون مع حقوق الشعب الكردي المشروعة وليس مع هذا الطرف السياسي ضد ذاك.

كما علينا أن ندرك بأن التاريخ سيسجل كل هذه المواقف وستُحسب على شعبنا شئنا أم أبينا كما جرى ذلك من قبل في حقب زمنية معينة.

إن تراجع أداء أحزابنا القومية دون استثناء في الدفاع عن قضية شعبنا وحقوقه القومية المشروعة كان من بين الأسباب الرئيسية التي أوصلت الأمور إلى ما هي عليه الآن، حيث لم يكن أداؤها بمستوى التحديات التي واجهتها قضيتنا، واعتمدت أسلوب تحقيق المكاسب الوقتية بأساليب تكتيكية هنا وهناك، والابتعاد عن الثوابت التي جاءت من أجلها. حيث لا زالت اليوم تدور في نفس الدوامة، وإلا.. ما الذي اختلف اليوم.. وإلى ما قبل أربع سنوات.. يوم لم يصوت البعض من ممثلي شعبنا في برلمان الإقليم ولم يشتركوا في الحكومة (الكابينة الثامنة)، مع العلم أن واقع اليوم أسوأ وأكثر تراجعا بكثير قياسا بتلك المرحلة!!.

من جهة أخرى، فإن مؤسسات شعبنا من كنسية ومجتمعية كان لها أيضا الأثر الواضح في عدم المساهمة الجادة لخلق التناغم بالشكل الذي يلبي متطلبات المرحلة الراهنة سواء في وحدة المطلب أو وحدة الخطاب وصولا إلى وحدة الصف بشكل عام.. مما سهل مهمة التدخل من قبل الآخر.

إن قضيتنا القومية في الإقليم باتت اليوم على المحك بعد هذه التغييرات الحاصلة في شكل وأسلوب التعاطي معها من قبل حليف الأمس !!!. حيث أخذت تشير بوصلة اتجاهها بوضوح نحو الوصاية عليها بالكامل، وجعلها قضية فرعية ضمن الحالة الكردستانية لا أكثر، وليست قضية مستقلة لشعب أصيل صاحب الأرض والتاريخ ذو الهوية التي تمتد لأكثر من سبعة آلاف عام في عمق التاريخ.

عليه.. فإننا اليوم أحوج ما نكون لمراجعة الذات والسياسات والعودة إلى الثوابت القومية العليا التي جئنا من أجلها، وليس من أجل منصب هنا وهناك !!. ووضع قضيتنا في مسارها الصحيح، ولربما أيضا أن يكون أحد خياراتنا هو مراجعة مفهوم الشراكة التي لم تتحقق منذ عام 1991 ولحد الآن.

شاهد أيضاً

أضواء على مفهوم المرجعية لدى غبطة الكاردينال لويس ساكو

توما خوشابا في حديث لغبطة الكاردينال البطريرك لويس ساكو الجزيل الاحترام تداولته وسائل التواصل الاجتماعي، …