الصفحة الرئيسية » مقالات » مقاطعة ” أبناء النهرين ” لانتخابات الإقليم بين الربح والخسارة

مقاطعة ” أبناء النهرين ” لانتخابات الإقليم بين الربح والخسارة

ميخائيل بنيامين

حالما أعلن “أبناء النهرين” عن قراره بمقاطعة الانتخابات البرلمانية في الإقليم في 30 أيلول 2018، وأورد في بيان بهذا الشأن أسباب المقاطعة، حتى طالعنا بعض الآراء عن كون هذا القرار خاطيء، بعضهم عبروا عن ذلك مقتنعين، صادقين، حريصين على مصلحة الحزب والشعب عموما، لا سيما إن بينهم الكثيرين من الأصدقاء والمؤيدين.

أما البعض الآخر، فقد رأى هذا القرار فرصة للتقليل من أهمية هذا الموقف والحزب الذي من ورائه، في مقابل محاولة عرض عضلاته، والتغطية على عدم قدرته على الإتيان بموقف مثله لأسباب تتعدد والنتيجة واحدة.

بينما يتمثل القسم الثالث، وهو الأخطر كما في كل المجتمعات، بأولئك الذين يمكن تسميتهم، بأشباه المثقفين والمترددين بمواقفهم وقراراتهم من داخل الاحزاب وخارجها، أولئك الذين يحاولون دوما مسك العصا من منتصفها، وخصوصا ممن أقاموا الدنيا ولم يقعدوها، منتقدين المشاركة في انتخابات لم يروا فيها إلا مهزلة ومنح شرعية لمشاركة لا شرعية فيها، لكنهم سرعان ما تلاشوا وتواروا عن الأنظار والتنظيرات والمزايدات، لماذا؟.. لأنهم كالمعتاد أرادوا مجاراة الأحزاب التي لم تعلن المقاطعة رغم قناعتهم بضرورة المقاطعة.

هؤلاء كما ذكرنا هم الأخطر في المجتمع، لأن مواقفهم لا مواقف، ومثل هؤلاء لا يُنتظر منهم أبدا أن يقدموا أي شيء، ولا أن يصنعوا أي تغيير مؤمل، بل العكس.. مثل هؤلاء هم من يساهمون بإبقاء الوضع على علاته. لذا من الضروري عدم التعويل على أصواتهم، بل تجاوزهم وعدم الالتفات إليهم، والمضي قدما بعيدا عن مواقفهم وضجيجهم المتأرجح غير الثابت والفارغ.

عودة للموضوع، نعم، إن ألف باء العمل السياسي وواحدة من أهم مقوماته لأي حزب، هي محاولة الوصول الى السلطة، ومن هناك يحاول تنفيذ برنامجه وتحقيق الأهداف التي يسعى لها!!، والمؤكد أيضا إن عدم مشاركة حزب أبناء النهرين يعني مقدما فقدانه، كحد أدنى، حتى للمقعد الذي لديه في البرلمان. وواضح أيضا إن هذا الموقع يمنح الحزب، كما كان قد منحه، مساحة للتحرك، والمدافعة وإيصال الصوت، ومحاولة الدفاع عن قضايا معينة، وتسجيل الحضور داخل البرلمان وخارجه، وفي المجتمع السياسي داخل الإقليم وخارجه. وبلا شك فإن هذا يشمل أيضا الجانب الاقتصادي الداعم للشخص النائب وأعمال الحزب وغيرها من المنافع المؤملة.
عليه، نعم، لم يكن القرار سهلا، لذا أخذ وقتا وحيزا جيدا من النقاشات، وربما كانت واحدة من الممارسات التنظيمية والمؤسساتية الرائعة، عندما عقد الحزب أكثر من اجتماع وأشرك فيها مختلف الحلقات، وهو يحاول الإجابة على تساؤلات متعددة، بينها:
ـ بماذا نفعتنا المشاركة ومنذ 1992؟، ليس في البرلمان فقط بل وحتى في السلطات التنفيذية في اربيل وبغداد؟، ألم تكن شكلية وغير حقيقية؟.
ـ هل ساهمت المشاركة بدفع قضية شعبنا للأمام؟ أم ما زالت تتراجع دون أي تقدم؟.
ـ بماذا نفعت وتنفع المنافع الشخصية والحزبية للمشاركة، وكل مساحات التحرك.. قضية شعبنا الكلدوآشوري السرياني؟، وهل تغير شيء من واقعه المؤلم والمتراجع؟.
ـ هل يجدي نفعا التذمر والشكوى والاعتراض على تجاوزات الآخرين، وتدخلهم في شأننا الداخلي من خلال التدخل في الكوتا، وكل شؤونه؟، بينما ينتهي الأمر بنا بالقبول والرضا بالمشاركة، وإرسال رسالة خاطئة، حتى لمن قد يحاول تصحيح الوضع غير الصحيح؟.
ـ كم تجدي نفعا، وسائل الاعتراض التقليدية، وخصوصا في اللقاءات ووسائل الإعلام وفي بيانات الاستنكار والاستدانة، حيث أصبحت أفضل وسيلة مريحة وغير مكلفة بالنسبة لطرفي المعادلة المعترض والمعترض عليه.
وفي ظل مناقشة المعطيات، المفاهيم والقراءات الآتية، كان الرأي الأخير بقناعة المقاطعة:
ـ قد يخسر الحزب في المدى القريب مكاسب معينة، لكنه لا بد وأن يبدأ المعالجة بوضعها على الطريق الصحيح ومحاولة تحقيقها في مدى أبعد.
ـ المقاطعة، بالنسبة للحزب ليست ولن تكون هدفا، لكنها وسيلة، ورسالة واضحة للإعلان عن رفض واقع يفرض بالضد من إرادة وقرار هذا الشعب ومصلحته.
ـ المقاطعة لا يفترض أن تكون وسيلة اعتراض ترتبط بهذا الحدث فقط، بل يجب أن تكون خطوة في برنامج متعدد الخطوات والنشاطات هدفه العام إيصال رسالة بأننا نرفض التمثيل السياسي غير الحقيقي وغير الفعال، نرفض استخدامنا للديكور فقط، نرفض بأن لا تحترم إرادتنا وقرارنا وخصوصا ما يتعلق بشؤوننا الخاصة.. وأن لا تُقرر بالنيابة عنا.
ـ المقاطعة، لم ولن تكون محصورة بعدم تعديل القانون الانتخابي الحالي رغم المطالبات، وهو أحد الاسباب، لكن الأسباب الأكبر تكمن في الصورة الأشمل: نرفض الاستمرار في عملية سياسية عرجاء، تعمل بكل الطرق لإلغاء وجود الإنسان الآشوري، أرضه، هويته وإرادته، ومن خلال استبعاده وإقصائه وتهميشه في كل المفاصل، وعلينا العمل بطرق فعالة لإعلان هذا الرفض والعمل على تصحيحه.
في النهاية، ومن أجل التغيير في الواقع المأساوي، على أحدهم أن يدفع ضريبة ما، وأن يتحمل النتائج. فطريق التغيير لم يكن يوما سهلا، وقليلون من يستطيعون السير فيه.. وقد يكون طويلا، لكن الغالب أنه يقود لواقع مختلف وأفضل ، فماذا بقي لهذا الشعب أن يخسره أكثر؟؟.

شاهد أيضاً

أضواء على مفهوم المرجعية لدى غبطة الكاردينال لويس ساكو

توما خوشابا في حديث لغبطة الكاردينال البطريرك لويس ساكو الجزيل الاحترام تداولته وسائل التواصل الاجتماعي، …